من هو صالح العروري وكيف تم التخلص منه؟

من هو صالح العروري وكيف تم التخلص منه؟

 قيادي المقاومة صالح العاروري في بيروت بفضل عملية استخبارات محكمة نفذها الموساد الاسرائيلي، يسرد هذا المقال الهام حول القيادي في المقاومة صالح العاروري وكيفية تنفيذ العملية الاستخباراتية.

من هو صالح العروري وكيف تم التخلص منه؟


قبل الوقوف على هوية القائد صالح العاروري، دعونا نقوم بجولة سريعة داخل مقر الموساد، حيث وعدنا بتقديم سلسلة حلقات خاصة تكشف عن أسرار المقر وبيوته الآمنة وجوازات السفر المزيفة. الآن، سنبدأ مقال اليوم بالإشارة إلى أن مقر المساد كان يتواجد داخل وزارة الدفاع الإسرائيلية منذ عام 1951 ولمدة خمس سنوات.


في عام 1956، انتقل مقر المساد إلى بناية ضخمة تتألف من 16 طابقًا، تقع في وسط تل أبيب في شارع بوليفارد كينج سول، منطقة تجارية مليئة بالشركات والمصارف. كان للمساد مدخل خاص من داخل المبنى، وقد تم توفير جميع الخدمات بشكل منفصل، بما في ذلك الكهرباء ووسائل الاتصال المشفرة والمصاعد ونظام صرف صحي.


في الطابق الأول، تم تخصيصه للاتصالات والتجسس، بينما كان الطابق الثاني مخصصًا للصغار والموظفين. الطابق الثالث كان للمحللين، والطابق الرابع للتخطيط، والطوابق الخامس والسادس للأفراد والموظفين. أما الدور السابع، فكان مخصصًا للأبحاث والتطوير، بينما كان الدور الثامن لمدير المساد ونائبيه ومساعديهم.


في عام 1981، انتقل الموساد إلى مقر جديد منفصل في ضواحي تل أبيب. يجدر بالذكر أنني شخصياً دخلت المقر القديم ورأيته. المقر الجديد هو مرفق حديث تم تجهيزه بأحدث وسائل التكنولوجيا في منطقة هرتسيليا.


يشتهر المساد بكونه أحد أوائل الأجهزة الاستخبارية في العالم التي استخدمت شبكات الحواسب الإلكترونية منذ ستينيات القرن الماضي. الكمبيوتر الرئيسي في المساد كان من تصنيفٍ


برو وده ذاك يتمتع بذاكرة معلومات شاملة حول مليار ونصف مليار شخص يتم ربطهم بهذا الجهاز، وهو الكمبيوتر السوبر، المعروف أيضًا بشبكات الاتصالات المؤمنة. يتصل هذا الكمبيوتر بمحطات وعملاء المساد وبيوتهم الآمنة في جميع أنحاء العالم من خلال شبكات اتصالات موثوقة.


يقع المساد في الدور السادس في مقره الجديد، وتديره إدارة باها، وهي اختصار لاسم إدارة الأعمال التخريبية العدائية. تتخذ هذه الإدارة على عاتقها تجميع وتحليل المعلومات من ميدان العمل، حيث تكمن مهمتها الرئيسية في متابعة تحركات المنظمات الفلسطينية.


تحتوي غرفة العمليات التابعة لهذه الإدارة على خريطة عمليات ضخمة للغاية، حيث تقسم العالم إلى مربعات صغيرة للغاية. وعند إدراج اسم مثل القائد صالح العاروري، يظهر الموقع الحالي له على الخريطة، ويمكن تتبع تحركاته في كل مكان وجد فيه خلال الأيام الماضية.


يتم متابعته بدقة من خلال المراقبة الجوية والتنصت السبراني في الوقت الحالي. كما يتم التحقق من استخدام أي من مقربيه لتقنيات حديثة. على سبيل المثال، إذا قام أحد منهم بإدخال 10 أسماء لقادة منظمات المقاومة الفلسطينية، سيظهر كل اسم بلون مختلف على الخريطة، مع إظهار مواقعهم الحالية والسابقة.


في حال اكتشاف المساد أن سبعة من العشرة قادة قد تواجدوا في نفس المكان في يوم واحد، يعد ذلك مؤشرًا محتملاً على نية تنفيذ مخطط أو عملية ضد أهداف إسرائيلية، حيث يقوم المساد باتخاذ إجراءات مضادة فوراً.


يمكن أيضًا وضع اسم أحد القادة الفلسطينيين، مثل القائد صالح العاروري، في بنك الأهداف للتحقق من نقاط الاتصال في سوريا وإيران وحزب الله. ستظهر قائمة تحتوي على ما يصل إلى 300 شخص واسم، مرتبة حسب قربها وكثافة اتصالاتها بهذا القائد الفلسطيني.


تشهد سيرة حياة صالح العاروري، الذي قضى فترة شبابه في الضفة الغربية وانضم إلى كوادر حركة حماس في الثمانينات، على مشاركته الفعّالة في المقاومة الفلسطينية. كان أحد مؤسسي الجناح العسكري للمقاومة الفلسطينية وشارك في الانتفاضة الأولى في عام 1992.


في هذه الفترة، تم اعتقال العاروري وحُكم عليه بالسجن لمدة خمس سنوات بسبب تورطه في نشاطات تعرقل توقيع اتفاق أوسلو بين السلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية. تم الإفراج عنه في عام 2007، لكنه أعيد اعتقاله في عام 2010 بسبب دوره كقائد لأوركسترا العمليات الاستشهادية في الضفة الغربية.


تمت إطلاق سراحه مرة أخرى في عام 2010، وكانت هذه المرة جزءًا من صفقة جلعاد شليط، حيث شارك في التسوية وتم تحرير زميله يحيى السنوار. بعد الإفراج، انتقل العاروري إلى الأردن ثم إلى سوريا، لكنه غادرها مع بداية الحرب السورية في عام 2011، وانتقل إلى تركيا قبل أن يستقر في لبنان.


لفترة قصيرة، تأثرت علاقة حماس مع إيران وحزب الله بسبب موقف الأخيرين المؤيد للنظام السوري، لكن صالح العاروري نجح في تقريب وجهات النظر وأصبح ممثلًا لحماس لدى حزب الله.


تورط العاروري في قضية ابتزاز مالي أعلنت عنها المحكمة الفيدرالية الأمريكية في عام 2003، حيث اتُهم بتمويل عمليات إرهابية. في عام 2014، أعلن مسؤولية حماس عن هجوم على إسرائيل، أسفر عن اختطاف وقتل ثلاثة من الشبان الإسرائيليين.


تم وضع العاروري على قوائم الإرهاب الأمريكية في عام 2015، وتم تحديده كإرهابي. في عام 2018، أعلنت الخارجية الأمريكية عن مكافأة قدرها 5 مليون دولار للمدافعين عن معلومات موثقة حول نشاطاته المالية.


تظهر سيرة حياة العاروري تواجده الفاعل في العديد من الأحداث الهامة، ودوره المهم في ربط حماس بالجهات المختلفة في المنطقة.


في ظل الأحداث الأخيرة، يظهر أن استهداف القيادات الفلسطينية بات محورًا مثيرًا للجدل. يُشير التقارير إلى أن رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، قد وافق في أغسطس 2023 على إضافة اسم صالح العاروري إلى قائمة الاستهدافات. وفيما لا يُعد دم قادة حماس أثمن من دم باقي الشهداء الفلسطينيين، يبرز التأكيد على توريط العاروري في تنظيم هجمات ضد إسرائيل.


وفي سياق متصل، يُشير التقرير إلى دور العاروري في التنسيق مع الجهات الإيرانية وحزب الله في مخططات هجمات المقاومة. تم تضمين عدة أسماء أخرى في بنك الأهداف، وتم تصديق نتنياهو على هذه القرارات في وقت سابق.


تاريخ 7 أكتوبر يظهر كنقطة حاسمة، حيث تم رصد مشاركة العاروري في اجتماع في لبنان، حيث أعلن عن تصاعد التوتر وضرورة الاستعداد للحرب. ورغم أن العاروري لم يكن على علم دقيق ببداية الهجوم في 7 أكتوبر، إلا أنه تم إبلاغه قبل ساعة من البداية، وطُلب منه إبلاغ حسن نصر الله قبل بدء العمليات.


فيما يخص هدم منزل العاروري في قرية عرورة في رام الله، يظهر أن الجيش الإسرائيلي قام بترك لافتة على الركام، جاء فيها "حماس تساوي داعش". ومع أن هذا التصرف لم يثنِّ العاروري عن المشاركة في مفاوضات تبادل الأسرى، فإنه كان جزءًا من التوترات بين الطرفين.


من الجدير بالذكر أنه تم تحذير إسرائيل من تبعات أي هجوم ضد القيادات الفلسطينية على الأراضي التركية، ولكن الاستجابة لهذا التحذير لم تكن إيجابية. وفي مواجهة هذا السيناريو، يظهر أن نتنياهو قد وعد بعدم استهداف القيادات في الأراضي القطرية.


وختامًا، يظهر أن الوضع الراهن يتسم بتصاعد التوترات بين إسرائيل وحركة حماس، ومع ذلك، يتبقى تقدير المستجدات والتطورات المستقبلية لرؤية مسار الأحداث.


في بداية ديسمبر 2023، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي عن قرار بمهاجمة وإغتيال فلسطينيين، سواء كانوا مقاتلين يحملون السلاح، أو مخططين، أو زعامات تعمل في الخارج، مؤكدًا أن الحكم بالإعدام يشمل الجميع.


في هذا السياق، أعلن العاروري، قائد بارز، أنه لن يتم التفاوض على صفقات تبادل الأسرى مع إسرائيل إلا بعد وقف إطلاق النار بشكل دائم وإنهاء الحرب على قطاع غزة. وأشارت تقارير إلى تنافس بين العاروري ويحيى السنوار على الزعامة، حيث قد يتخذ المساد وشيم بيت قرارًا بالتخلص من العاروري في حالة استقالة السنوار أو حدوث أمور غير متوقعة.


تم تنفيذ عملية اغتيال بنجاح بتوجيه الطائرة بدون طيار "هيرون 950" لضرب مكتب العاروري في جنوب بيروت، وقد تم تحديد الموقع بدقة باستخدام وسائل التكنولوجيا والاستخبارات الصناعية. أسفرت العملية عن استهداف العاروري وستة من قادة حماس كانوا متواجدين في المكتب، وقد توفوا جميعهم على الفور.


كانت العملية محور للتوتر الإقليمي، حيث أعلنت إسرائيل عدم تحمل مسؤولية الحادث بشكل مباشر، ولكنها أكدت أن الهدف كان استهداف حماس فقط. تجمدت جهود التسوية ووساطة مصر في صفقات تبادل الأسرى.


في إطار آخر، أكد رئيس المساد ديفيد برنيا في حفل تأبين زعيم المساد السابق زيفي زمير، الذي توفي في نفس اليوم، على قدرة إسرائيل على مواجهة أي تحديات أمنية. ورغم عدم ذكر اسم العاروري بشكل صريح، فإن التصريحات كانت توحي بالتورط الإسرائيلي في العملية.


بهذا، أثارت العملية دهشة في قيادة حماس، التي كانت تعتقد أنها تتمتع بحماية من حزب الله في بيروت. وفي الوقت نفسه، أكد رئيس المساد على قدرة القوات الإسرائيلية على التحرك بفعالية خلال المنطقة، ما يعزز من التوترات الإقليمية ويعيد إلى الأذهان التصعيد العسكري في المنطقة.


قبل الانتقال إلى النقطة التالية، أرغب في التعبير عن فكرة معينة. من المفيد لمصلحة نتنياهو أن تحدث مثل هذه العملية، لأنها قد تؤدي إلى تمديد الصراع المستمر في قطاع غزة. نتنياهو يسعى إلى هدف واحد، وهو ضمان استمرار هذا الصراع حتى نوفمبر 2024. ويعتقد أن ذلك سيكون ذا أهمية خاصة عندما يكون ترامب قادمًا، بينما سيكون بايدن راحلًا. ومع ترامب، يعتقد أن هناك مواقف أفضل ستتخذ.


وبالتالي، يرى أنه يجب أن يستمر الصراع. وهنا يجب أن أشير إلى أن الإدارة الأمريكية نفت وصول المعلومات إلى وكالة الاستخبارات الأمريكية بشأن قرار أو موعد لاغتيال القائد الفلسطيني صالح العرور واستشهاده. وتؤكد الإدارة أنه على الرغم من أن استشهاد العرور قد يؤدي إلى تصعيد محتمل من حزب الله وإيران، فإن الجانب الأمريكي يروى أن تصفيته كانت تستحق المخاطرة.


ويرى الجانب الأمريكي أن إسرائيل قد اعتبرت تصفية الشهيد العرور هدفًا يستحق المخاطرة، لأنه لم يكن مجرد قيادة إعلامية بل كان قائدًا عسكريًا للمقاومة. وبالرغم من عدم تأكيد أو نفي إسرائيل لتنفيذ هذه العملية، يعتقد الأمريكان أن المساد نفذها باستئصال جراحي للقيادة العملياتية والسياسية البارزة في صفوف المقاومة الفلسطينية.


وفي حال تنفيذ إسرائيل لهذه العملية، ستكون هذه هي أولى العمليات التي تقوم بها في أي مكان وعاصمة في العالم، وليس فقط في غزة. وسيضع ذلك قادة حماس في حالة تأهب وتحذير.

إرسال تعليق

شكرا لك على زيارة عناكب الاخباري اترك لنا تعليق في الاسفل ❤
حقوق النشر © عناكب الاخباري جميع الحقوق محفوظة
x